بقلم/ أميرة فخري
كانت تتطوق لأن تشيب معه .. أن ترى ملامحها تتغير في مرآة عينيه التي طالما رأت فيها نفسها أجمل الجميلات .. تلك العينين التي لن ترتعد إن نظرت فيهما مع مرور الزمن .. بل ستستقبله مطمئنة لأنه هنا بجانبها .. كانت تصبو لأن تصبح قصتهما سيرة يتحاكى بها الجميع على مر الزمان .. أن تحتفظ بتفاصيل الحكاية كما يحتفظ البحر بسر الموج .. وكما يحفظ الليل أسرار العاشقين..
كانت تريد أن تبني بيتًا أبديًا لا يزول ولا يتهدم .. أن تحتفظ دائماً بذاك الحوار الذي يصمت بينهما حينا ويضحك ويثرثر حينا آخر..
كانت تحلم أن تكبر معه دون أن ينحني أحدهم أمام عواصف الحياة.. أن يظلا متشبثان ببعضهما في كل منعطف وعند كل عثرة .. وأن يكون السقوط -إن حدث- على كتفه وبين ضلوعه وليس بيديه..
كانت تريد أن يصبحا كشجرتان متعانقتان جذورهما ثابتة بالأرض وفروعهما تذهب إلى السماء.. وأن تلامس الغصون أشعة الشمس في كل الفصول فلا يهزمهما برد ولا يغيرهما خريف..
كنت أريد أن نصبح حكاية للخلود .. هكذا حدثت نفسها .. كنت أريد أن نثبت للعالم أن الحب الحقيقي لا يعترف بقواعد الزمن ولا يذبل بتكرار الأيام ومرورها.. أن نصبح أيقونة لكل من آمن بالوفاء .. وأن نمنح معنى جديداً لكلمة "معًا".. أن نصنع بيتاً من دفء وصدق.. نعلّق على جدرانه صورنا معًا، دون اطارات خشبية أو زجاجية.. بل في إطارات من المواقف الكبيرة التي مرت علينا، فيها العناد وفيها الرضا، فيها الغضب وفيها التسامح، فيها الأمان وفيها الحيرة.. حتى يصبح كل يوم يمر شاهدًا على أننا اخترنا أن نبقى، لا لأن البقاء كان سهلاً، بل لأنه كان أقدر وأقوى من أي رحيل..
كنتُ أريد أن نكون معجزة الحب الأخيرة لهذا الزمان ، يقرأها كل من شكّ في قدرة الإنسان على الثبات، على أن يمنح قلبه مرة واحدة في العمر، وأن يظل أميناً على العهد حتى آخر نفس. كنت أريد أن نمضي في أعمارنا ونحن نعرف أن بيتنا لن يكون خيطاً رفيعا أو عُقداً سهل الانفراط .. مهما ابتعدنا أو تاهت بنا الخطوات..
كنت أريد أن نكون نحن، فلا نكرر نسخ الآخرين، أن نكون النور لكل الحكايات التي ستأتي بعدنا .. وليس ظلاً لحكايات سابقة..كنت أرغب ببداية لحكاية لن تنتهي، حتى وإن انتهينا.. ولكن زمان المعجزات قد ولى .. وأن المؤمنون بالوفاء والخلود يجب أن يكونوا قد اردكوه بالفعل وإلا لن ينجو أبطال الحكايات الكبيرة من فراق محتوم إذا كان الوفاء من طرف واحد..
من سلسلة #دروس_النهايات

