recent
أخبار ساخنة

كيف ستنجو غزّة ؟

خارطة الطريق بين الإغاثة الطارئة وإعادة البناء الممكن..






كتبت/ أميرة فخري

من قلب كارثة إنسانية لا تُحتمل وعاصفة تكاد تعصف بغزة الحبيبة عن بكرة أبيها .. ووسط مجاعة مؤكَّدة وفق نظم التصنيفات العالمية للأمن الغذائي، وانهيار الخدمات الأساسية، وتجدُّد العمليات العسكرية حول قطاع غزة ومحيطه.. كلها مؤشرات مرعبة تنذر بالنهاية..

منظمة الصحة العالمية أكّدت أن مئات الآلاف في غزة يعيشون مستويات “كارثية” من انعدام الأمن الغذائي، فيما تُظهر وكالات الأنباء العالمية أنّ الهجمات على قوافل ومرافقي المساعدات فاقمت سبل الانهيار وعرقلت الوصول الإنساني للشعب الفلسطيني.

وعلى خطّ السياسة، تدور مفاوضات بوساطات عربية ودولية على هدنة، تتضمن تبادلاً للأسرى وخطوات جزئية للانسحاب وتوسيع المساعدات؛ فيما يستمر القصف على أطراف غزة حتى الساعات القليلة الماضية.. ولم يفلح ضغط الداخل الإسرائيلي أو حتى الضغوط الخارجية باتجاه وقف إطلاق النار على القطاع.

وإن تحدثنا عن أي انفراجات محتملة—إن كُتِب لها الاستمرار— فستكون هي الشرط الأوّل لنجاةٍ مؤقتة.

وإذا نظرنا إلى المقاربات التحليلية والعملية التي يمكن أن تجعل “النجاة” ممكنة على مستويين متداخلين وهما "إنقاذ الأرواح" ثم بناء خطة مستدامة تُمهّد لإعادة إعمار واقعية ..وهما بمثابة الشريانان لإنعاش الحياة داخل للقطاع، وفتح لمسارات جديدة مع تحييد سبل الإغاثة..  فسنجد الأمر ينحصر على عدة مستويات:

أولها: فتح المسارات الحدودية:

ولأن إغلاق رفح يُحوِّل معظم الشحنات إلى كرم أبو سالم حيث تمرّ بنسبة عبور محدودة وغير داعمة، ما يخلق “عنق زجاجة” لوجستي، ولهذا فالأمر يتطلب آلية مبسّطة ومحدّدة زمنياً وموحّدة المعايير، مع مسارات ذات أولوية أهمها "الغذاء، الماء، الوقود، الدواء"، فسنجد أن كل التجارب قد أثبتت أن الحلول البرية كانت أفضل أوجه الإغاثة لشعب غزة.

الأمر الثاني هو تحييد قوافل الإغاثة: حيث تم توثيق هجمات متكررة على حرّاس القوافل وطالبي المساعدات، الأمر الذي ينسف محاولات الإمداد، ولهذا وجب تنسيق ملزم لكل الأطراف مع خرائط “عدم استهداف” مُحدثة وحماية شرطية مهنية تحت إشراف أممي .. ربما سيكون هذا الأمر شرط لخفض الفوضى والنهب.

الأمر الثالث: هو إبقاء الخدمات الأساسية حيّة: طاقة وماء وصحّة:

وهنا نعول بالأمر إلى المبادرات الإنسانية والخطط الجاهزة التي يمكنها توسيع التمويل لإيجاد مولدات للوقود والكهرباء داخل القطاع، مع إمكانية استخدام الأنظمة المستحدثة مثل النظام الشمسي وإعادة تدوير وتحلية المياه لبث الحياة في المرافق الصحية ومحطات المياه والمخابز في القطاع.

وبالأخير الأمر كله مجرد اقتراحات قابلة أو غير قابلة للتنفيذ وسط صمت دولي عن الكارثة الإنسانية التي تواجه قطاع غزة بالكامل.

وللعلم .. إن أي مقاربة “بعد الحرب” ستبوء  بالفشل إن همّشت الجهود الفلسطينية واقتصرت  في ترتيبات أمنية ضيقة مع تعنت واضح من الجانب الإسرائيلي، كذلك إن أُهدرت الجهود التي تبذلها كل من مصر وقطر في هذا الشأن للوصول إلى اتفاق يخفف من حدة الكارثة الإنسانية في غزة.

وإن حاولنا وضع النقاط المنطقية لإنهاء حالة الدمار الإنساني في غزة فيمكن أن نقول أن:-

1- الوصول إلى هدنة ممتدّة قابلة للترقية هدفها وقف إطلاق النار، وتوسّيع المساعدات، وإدارة الخدمات الانتقالية، والتخفيف التدريجي للقيود داخل القطاع سيصبح  هذا المسار نافذةً لخفض آثار المجاعة واستعادة بعض سبل الحياة داخل القطاع.

2- إنهاء القيود على وصول المساعدات للقطاع ووقف الهجمات على الإغاثات القادمة.

3- آلية دخول بقيادة أممية وفتح الممرات الإنسانية مع شرطية عدم الاقتراب من مراكز التوزيع والمخابز والمستشفيات وتفعيل الأمن المجتمعي الفلسطيني لضمان وصول المساعدات دون خسائر بشرية.

وبالأخير .. فإن نجاة غزّة الآن لن تُقاس بقدرتنا على التحليل والتنظير، بل بالقدرة على  تحويل ملف الهدنة إلى سيناريو واقعي وحقيقي على كل المستويات، وتحويل رُّكام غزة إلى فرص عمل وبناء جديد موكل للشعب الفلسطيني دون غيره، كل ذلك لن يحدث إلا في مسار سياسي وإنساني لا يقصي الفلسطينيين عن تقرير مصيرهم.. وإلا فالمجاعة المؤكّدة واحتياجات الإعمار التي تفوق 50 مليار دولار ستكون اللعنة على كل النظم السياسية على مستوى العالم.








كيف ستنجو غزّة ؟
العاصمة بوست 24

تعليقات

google-playkhamsatmostaqltradent